تملك وإيجار غير الأردنيين والأشخاص الحكميين للعقارات في المملكة الأردنية الهاشمية

دار العلوم
المؤلف دار العلوم
تاريخ النشر
آخر تحديث

تملك وإيجار غير الأردنيين والأشخاص الحكميين للعقارات في المملكة الأردنية الهاشمية: قراءة تحليلية في النصوص القانونية من المادة 133 إلى 159 والمادة 222

في ظل التوسع العمراني والاستثماري الذي تشهده المملكة الأردنية الهاشمية، بات من الضروري تنظيم تملك العقارات من قبل غير الأردنيين والأشخاص الحكميين، بما يحقق التوازن بين جذب الاستثمار وحماية السيادة العقارية. وقد خصص القانون الأردني فصلًا متكاملًا لهذا الغرض، بدءًا من المادة (133) وحتى المادة (159)، بالإضافة إلى المادة (222) التي تتناول الأحكام التنفيذية والتنظيمية.

 أولًا: الإطار العام للتملك – المواد (133–134)

المادة (133): التملك المشروط لغير الأردنيين والأشخاص الحكميين

تنص هذه المادة على أن لغير الأردنيين، سواء كانوا أفرادًا طبيعيين (أشخاص حقيقيين) أو أشخاصًا حكميين (شركات، مؤسسات، جمعيات...)، الحق في تملك العقارات داخل المملكة، ولكن هذا الحق ليس مطلقًا، بل يخضع لعدة شروط وضوابط:

✅ الشروط الأساسية:

  1. الحصول على إذن رسمي من الجهات المختصة.
  2. موافقة وزير الداخلية، وهي شرط جوهري يعكس البعد الأمني والسيادي في عملية التملك.
  3. الغاية من التملك يجب أن تكون واضحة ومحددة، سواء كانت للسكن، الاستثمار، أو مزاولة نشاط معين.

🚫 المناطق المحظورة:

يحظر القانون تملك العقارات في مناطق معينة، وهي:

  • المناطق الحدودية: لأسباب أمنية واستراتيجية.
  • المواقع الأثرية والتاريخية: لحماية التراث الوطني من التملك الأجنبي.
  • أي مناطق أخرى يقررها المجلس: مما يمنح السلطة التشريعية مرونة في تقييد التملك حسب المستجدات.

هذه المادة تُظهر حرص المشرّع الأردني على تحقيق التوازن بين جذب الاستثمار الأجنبي وحماية الأمن الوطني والهوية الثقافية.

📜 المادة (134): توسيع نطاق التملك ليشمل الحقوق العينية العقارية

تأتي المادة (134) لتُكمل المادة السابقة، وتُوسع نطاق التملك ليشمل اكتساب الحقوق العينية العقارية، وهي الحقوق التي تتعلق مباشرة بالعقار، مثل:

  1. حق الملكية
  2. حق الانتفاع
  3. حق الارتفاق
  4. حق المساطحة
  5. حق الاستعمال

📌 أبرز النقاط في المادة:

  • يُشترط الحصول على إذن مسبق، تمامًا كما في المادة (133)، مما يؤكد أن التملك العيني لا يُمنح تلقائيًا.
  • تسري نفس الأحكام على الحقوق العينية كما تسري على الملكية المباشرة.
  • صلاحية المجلس: للمجلس الحق في فرض موافقة مسبقة على تملك العقارات من قبل الأشخاص الذين يحملون:
  • وثائق سفر مؤقتة
  • جوازات غير دائمة

وهذا يعكس حرص الدولة على التحقق من الهوية القانونية والدولية لطالب التملك، خاصة في الحالات التي قد تكون فيها الجنسية أو الوضع القانوني غير مستقر.

🧠 تحليل قانوني مقارن:

في العديد من الدول، يُمنح غير المواطنين حق التملك بشروط مشابهة، لكن الأردن يتميز بـ:

  1. اشتراط موافقة وزير الداخلية، مما يربط التملك بالبعد الأمني.
  2. تحديد المناطق المحظورة قانونًا، وليس فقط إداريًا.
  3. إدراج الأشخاص الحكميين ضمن النص القانوني، مما يُنظم تملك الشركات والمؤسسات بشكل واضح.

📊 أثر هذه المواد على الاستثمار العقاري:

  •  إيجابي: لأنها تفتح المجال أمام المستثمرين غير الأردنيين لتملك العقارات، مما يُعزز النشاط الاقتصادي.
  •  محكوم بالضوابط: لضمان عدم استغلال التملك لأغراض غير مشروعة أو تؤثر على الأمن الوطني.
  • تشجع الشركات الأجنبية على تأسيس فروع لها في الأردن ضمن إطار قانوني واضح.

ثانيًا: القيود القانونية – المواد (135–137)

 المادة (135): الحظر المطلق على التملك في حالات عدم الاعتراف

تنص هذه المادة على أنه لا يجوز لغير الأردني أو الشخص الحكمي الذي يحمل جنسية دولة لا تعترف بها المملكة أن يتملك عقارًا أو يكتسب حقًا عينياً عقاريًا بأي صورة كانت.

🔍 التحليل:

  • هذا الحظر يعكس موقفًا دبلوماسيًا وسياديًا، حيث لا يمكن منح حقوق ملكية لأشخاص ينتمون إلى كيانات أو دول لا تربطها علاقات رسمية أو اعتراف متبادل مع الأردن.
  • يشمل الحظر جميع صور التملك، سواء كانت ملكية مباشرة أو حقوق عينية مثل الانتفاع أو المساطحة.
  • يُعد هذا النص أداة قانونية لحماية المصالح الوطنية ومنع أي اختراق قانوني عبر التملك العقاري.

 المادة (136): تنظيم إجراءات تقديم طلب التملك

تُحدد هذه المادة آلية تقديم طلب التملك، وتُلزم غير الأردني أو الشخص الحكمي بـ:

خطوات التقديم:

  1. تقديم الطلب إلى الدائرة المختصة وفقًا لتعليمات يصدرها المدير.
  2. مخاطبة الجهات المعنية من قبل المدير لأخذ رأيها في الطلب.
  3. رفع الطلب إلى الجهة المختصة بمنح الإذن، مع مراعاة رأي الجهات المعنية.

📌 أهمية المادة:

  • تضمن الشفافية والتدرج الإداري في منح الإذن.
  • تُشرك الجهات ذات العلاقة (مثل وزارة الداخلية، البلديات، الجهات الأمنية) في اتخاذ القرار.
  • تُعزز من مبدأ التحقق والتدقيق قبل منح أي إذن بالتملك.

 المادة (137): السلطة المطلقة للجهة المختصة

تمنح هذه المادة الجهة المختصة (الوزير أو المجلس) سلطة مطلقة في منح أو رفض الإذن بتملك العقار، وتنص صراحة على أن:

"لا تخضع قراراتها برفض منح الإذن للطعن أو رقابة أي جهة."

🔍 التحليل:

  1. هذا النص يُعطي الجهة المختصة صلاحية تقديرية غير قابلة للطعن، مما يُضفي طابعًا نهائيًا على القرار.
  2. يُعزز من المرونة الإدارية والسيادية، ويمنع التلاعب أو الضغط القانوني على الجهات المختصة.
  3. يُمكن اعتباره مثيرًا للجدل من زاوية الحقوق القانونية، لكنه مبرر في سياق حماية الأمن الوطني والسيادة العقارية.

🧠 خلاصة تحليلية

المواد (135–137) تُشكل نظامًا قانونيًا صارمًا لضبط عملية التملك من قبل غير الأردنيين، وتُظهر أن الأردن:

  • يفتح باب التملك بشروط، لكنه لا يتهاون في المسائل السيادية والدبلوماسية.
  • يُنظم الإجراءات بدقة، ويُشرك الجهات المعنية لضمان سلامة القرار.
  • يمنح الجهة المختصة صلاحية نهائية، مما يُسرّع البت في الطلبات ويُقلل من النزاعات القانونية.

 ثالثًا: الاعتبارات الأسرية والشرط الجغرافي – المواد (138–142)

المادة (138): وحدة الأسرة في التملك

تنص هذه المادة على اعتبار الأزواج والأولاد القاصرين بحكم الشخص الواحد لأغراض التملك، أي أن التملك من قبل أحد أفراد الأسرة يُحتسب وكأنه تم باسم الأسرة كلها.

📌 التحليل:

  1. يمنع هذا النص التحايل على الحد الأعلى للتملك عبر توزيع الملكية بين أفراد الأسرة.
  2. يُسهل على الجهات المختصة تتبع وتقييم حجم التملك الحقيقي لغير الأردنيين.
  3. يُعزز من مبدأ العدالة العقارية ويمنع التملك المفرط باسم أفراد الأسرة.

المادة (139): التملك للسكن داخل حدود التنظيم

تُحدد هذه المادة شروط تملك غير الأردني للعقار بغرض السكن، داخل حدود التنظيم، وفقًا لصلاحيات ثلاث جهات:

صلاحيات التملك:

الجهة المختصة المساحة المسموح بها شرط الملكية السابقة
المدير حتى 10 دونمات لا يملك عقارات أخرى
الوزير حتى 10 دونمات يملك عقارات أخرى
الوزير حتى 20 دونمًا لا يملك عقارات أخرى
المجلس للمساحات الأكبر حسب التنسيب

شرط المعاملة بالمثل:

  • يُشترط أن تسمح دولة طالب التملك للأردنيين بالتملك فيها.
  • يُستثنى من هذا الشرط من يحمل جنسية عربية، مما يُعزز التعاون العربي.

📌 التحليل:

  1. يُشجع الاستثمار السكني المنظم.
  2. يُراعي التوازن بين فتح السوق العقاري للأجانب وحماية الملكية الوطنية.
  3. يُمنح الوزير والمجلس صلاحيات مرنة لتقييم كل حالة على حدة.

المادة (140): التملك للاستثمار الصناعي أو الخدمي

تُجيز هذه المادة للوزير، بناءً على تنسيب المدير، منح إذن تملك لغير الأردني داخل حدود التنظيم بقصد الاستثمار الصناعي أو الخدمي، لمساحة لا تتجاوز 40 دونمًا، بشرط المعاملة بالمثل.

📌 التحليل:

  • يُحفز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.
  • يُشترط أن يكون التملك مرتبطًا بمشروع فعلي، وليس مجرد حيازة أرض.
  • يُعزز من دور وزارة الداخلية في ضبط التملك لأغراض اقتصادية.

المادة (141): صلاحية المجلس في المساحات الكبيرة

تمنح هذه المادة المجلس صلاحية البت في طلبات التملك التي تتجاوز المساحات المحددة في المادتين (139) و(140).

📌 التحليل:

  1. يُعد المجلس جهة رقابية عليا لضمان عدم تجاوز الحدود المسموح بها.
  2. يُتيح تقييم الحالات الاستثنائية التي تستدعي تملك مساحات أكبر.
  3. يُعزز من مركزية القرار في القضايا العقارية الحساسة.

المادة (142): التملك خارج حدود التنظيم لأغراض الاستثمار

تُجيز هذه المادة لغير الأردني الذي يحمل جنسية عربية تملك أراضٍ خارج التنظيم، بهدف:

  • الاستصلاح الزراعي
  • الزراعة
  • إقامة مشاريع صناعية أو إسكانية

صلاحيات التملك:

الجهة المختصة المساحة المسموح بها
الوزير حتى 200 دونم
المجلس أكثر من 200 دونم

📌 التحليل:

  1. يُشجع الاستثمار في المناطق الريفية والنائية.
  2. يُراعي خصوصية الجنسية العربية في التملك خارج التنظيم.
  3. يُشترط وجود مشروع فعلي، مما يمنع التملك العشوائي أو الاحتكاري.

🧠 خلاصة تحليلية

  • المواد (138–142) تُظهر أن المشرّع الأردني يوازن بين:
  • الاعتبارات الأسرية: لمنع التملك المفرط باسم أفراد الأسرة.
  • الاعتبارات الجغرافية: عبر التمييز بين داخل التنظيم وخارجه.
  • الغايات الاستثمارية والسكنية: مع تحديد صلاحيات الجهات المختصة.
  • المرونة التشريعية: عبر منح صلاحيات متفاوتة للمدير، الوزير، والمجلس.

 خامسًا: التملك الدبلوماسي والدولي (المادة 147)

تمنح المادة (147) الوزير صلاحية منح الإذن للبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية لتملك العقارات داخل التنظيم، بشرط المعاملة بالمثل، مع صلاحية المجلس للبت في الحالات غير المنصوص عليها.

سادسًا: الإيجار لغير الأردنيين (المادة 148)

تنظم المادة (148) حق غير الأردنيين في استئجار العقارات، بشرط الحصول على إذن من وزير الداخلية، خاصة إذا تجاوزت مساحة الأرض عشرة دونمات أو مدة الإيجار ثلاث سنوات.

سابعًا: الالتزام بإنجاز المشروع (المواد 149–152)

  • المادة (149) تلزم المالك بإنجاز المشروع خلال 4 سنوات للسكن و6 سنوات للأغراض الأخرى.

  • المادة (150) تحظر التصرف في العقار قبل انتهاء المدة، مع استثناءات للمشاريع الاستثمارية.

  • المادة (151) تمدد المدد السابقة تلقائيًا بعد نفاذ القانون.

  • المادة (152) تفرض غرامة بنسبة 2% سنويًا على من لم ينجز المشروع، مع إمكانية الإعفاء لأسباب تنظيمية.

ثامنًا: الرهن والمزاد العلني (المواد 153–154)

  • المادة (153) تنظم شراء العقار من قبل دائن غير أردني في المزاد، مع إلزامه ببيعه خلال 3 سنوات أو إعادة بيعه بالمزاد على نفقته.

  • المادة (154) تخضع البنوك لأحكام المادة (153) بالإضافة إلى قانون البنوك.

تاسعًا: السجلات والتعليمات (المواد 155–158)

  • المادة (155) تلزم المدير بتنظيم سجلات دقيقة لتملك العقارات.

  • المادة (156) تعتبر الحصة الشائعة ملكية تامة وتحتسب التملك بشكل تراكمي.

  • المادة (157) يسقط مفعول الإذن إذا لم يُستخدم خلال سنة.

  • المادة (158) تستثني حالات الإرث، فضلة الطريق، والاسترداد من شرط الإذن.

عاشرًا: الاستثناءات الإقليمية (المادة 159)

تستثني المادة (159) العقارات الواقعة ضمن قوانين خاصة مثل منطقة العقبة الاقتصادية، إقليم البترا، وادي الأردن، وقانون البيئة الاستثمارية، من تطبيق أحكام هذا الفصل.

أخيرًا: الأحكام الختامية والتنفيذية (المادة 222)

تمنح المادة (222) مجلس الوزراء صلاحية إصدار الأنظمة اللازمة لتنفيذ القانون، بما يشمل الرسوم، تنظيم المعاملات، إدارة العقارات المشتركة، استئجار غير الأردنيين، وتقدير القيم العقارية. كما تمنح المدير صلاحية إصدار التعليمات التفصيلية، وتحديد الإجراءات الفنية والإدارية المرتبطة بالسجل العقاري.

تعليقات

عدد التعليقات : 0